الثلاثاء، 14 مارس 2017

الترجمة عند العرب
لا ريب أن الترجمة فنٌ وعلمٌ من العلوم الهامة التي تمتد جذورها إلى عصور قديمة، فقد تنبّه العرب لأهمية الترجمة منذ العصر الجاهلي (أي قبل الإسلام)، عندما كانت تربطهم علاقات تجارية واقتصادية بالقبائل المحيطة بهم، مثل الفرس والروم والأحباش، فكانت الحاجة إلى مجال الترجمة، والتي لم تظهر بوضوح إلا في عصر العباسيين. 
فقد مرت الترجمة في العصر العباسي بدورين:
كان الدور الأول في عهد أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي، وكان من أشهر مترجمي تلك الحقبة يحيى بن البطريق وجورجيس بن جبرائيل الطبيب وعبد الله بن المقفع.
 ومن الكتب التي ترجمت آنذاك كتاب (الأدب الصغير) وكتاب (الأدب الكبير) وكلاهما من الأدب الفارسي وكذلك (كتب المنطق) لأرسطو وغيرها. أما الدور الثاني فقد بدأ في عهد الخليفة العباسي السابع، الخليفة المأمون، عندما أنشأ "بيت الحكمة" في بغداد الذي وضع أساسه الخليفة العباسي الخامس، هارون الرشيد عندما جمع فيه كتباً هامة من الهند والروم والفرس وغيرها.
 وفي عهد المأمون انتعشت أحوال المترجمين ومن ثم الترجمة (فبالإضافة إلى ما كان يغدقه على مترجميه من رواتب خيالية، كان يوزّع كل يوم ثلاثاء جوائز تبلغ وزن الكتاب إن استحسنه ذهباً).
من أشهر المترجمين في تلك الحقبة: يوحنا بن البطريق والحجاج بن مطر وحنين بن إسحاق ويحيى بن عدي ومتّي بن يونس وسنان بن ثابت وعبد المسيح بن ناعمة الحمصي الذين ترجموا كتباً عديدة في المنطق والطب والطبيعة والفلسفة والسياسة، مثل كتاب (الشفاء من الأمراض) وكتاب (القوى الطبيعية) وكلاهما لجالينوس، بالإضافة إلى كتاب (أصول الهندسة) لاقليدس وكتاب السياسة لأفلاطون وغيرها
يذكر البهاء العاملي في (الكشكول)، نقلاً عن الصلاح الصفدي، أن عهد المأمون تميز بطريقتين في الترجمة:
 الطريقة الأولى: طريقة يوحنا بن البطريق وابن ناعمة الحمصي وغيرهما، وهي ما نسميه الآن (الترجمة الحرفية) وهو أن ينظر إلى كل كلمة مفردة من الكلمات اليونانية وما تدل عليه من المعنى. فيأتي الناقل بلفظة مفردة من الكلمات العربية، ترادفها في الدلالة على ذلك المعنى فيثبتها وينتقل إلى أخرى، وهكذا حتى يأتي على جملة ما يريد تعريبه.
وهذه الطريقة رديئة لسببين:
 الأول: أنه لا يوجد في الكلمات العربية كلمات مقابلة لجميع كلمات اليونانية، ولهذا تُرك في  التعريب بعضاً من الألفاظ اليونانية كما هي.
الثاني: أنه يقع الخلل من جهة استعمال المجازات وهي كثيرة في جميع اللغات.
الطريقة الثانية: طريقة حنين بن إسحق والجوهري وغيرهما، وهو أن يأتي الجملة فيُحصِّل معناها في ذهنه ويعبر عنها من اللغة الأخرى بجملة تطابقها سواء ساوت الألفاظ أم خالفتها.
وهذا الطريق أجود ولهذا لم تحتج كتب حنين بن اسحق إلى تهذيب إلا في العلوم الرياضية لأنه لم يكن قيّماً بها بخلاف كتب الطب والمنطق والطبيعي والإلهي فان الذي عربه منها لم يحتج إلى إصلاح.

  الترجمة عند الغرب
يعود تاريخ الترجمة عند الغرب إلى ترجمة التوراة السبعونية، التي تعدّ أوّل ترجمة للعهد القديم من العبرية إلى الإغريقية.
سميت بالترجمة السبعونية لأن الذي عمل على ترجمتها سبعون أو اثنان وسبعون مترجماً، إذ أرسل كبير الكهنة في إسرائيل آنذاك، المترجمين إلى الإسكندرية بناء على طلب حاكم مصر، لترجمة التوراة لصالح الجالية اليهودية الموجودة في مصر والتي لم يكن بمقدورها قراءة العهد القديم بلغته الأصلية وهي العبرية.
أصبحت هذه الترجمة بعد ذلك أساساً لتراجم أخرى، فقد ترجمت بعد ذلك إلى اللغة الأرمينية والجورجية واللاتينية والقبطية وأيضاً السلافية. وعلى الرغم من أن (ترجمة التوراة السبعونية) كان رديئة من الناحية العملية إلا أن هذا لم يقّوض صورتها، بل على النقيض من ذلك، ما زالت هي الترجمة التي تتبناها الكنيسة اليونانية حتى اليوم، بل كانت الأساس لعدد من الترجمات إلى لغات أخرى في بلدان البحر المتوسط القديمة.
 وفي العصور الوسطى تأثرت الترجمة نسبياً، والسبب في ذلك يعود إلى الاعتقاد السائد آنذاك وهو أن (الشخص لا يُعدّ مفكراً وعالماً بالمعنى الحقيقي ما لم يكتب باللغة اللاتينية)، لذا كتب المفكرون والعلماء أفكارهم باللغة اللاتينية التي كانوا يعرفونها جيداً إضافة إلى لغتهم الأساسية.
ويصفها كل واحد منهم بأنها إلهام وفن أصيل يعتمد على ليونة التعبير وليس صعوبته فيُعرف Forster الترجمة الجيدة على أنها: الترجمة التي تفي بنفس الغرض في اللغة الجديدة مثلما فعل الغرض الأصلي.
أتمنى أن أكون قد استطعت تحليل الموضوع من إحدى زواياه.

مختار العربي (46 سنة)

لدي قناعة تامة بأن الترجمة سبب رئيسي في تقدم الفرد والمجتمع والدولة في كافة مجالات الحياة، حيث أنها أهم أداة للتواصل بين الأفراد والشعوب لذلك قمت بانتقاء فريق عمل بعناية حتى نستطيع القيام بتنفيذ أعمال الترجمة بكفاءة عالية .

شارك الموضوع :

ضع تعليقك :

0 التعليقات