السبت، 1 أبريل 2017



 الاهتمام بالترجمة في العصر الأموي
رغم اهتمام الدولة الأموية (41-132هجرية) (662-750ميلادية) بالفتوحات من أجل توسيع رقعة الدولة، إلا أن اهتمامهم بنقل العلوم والترجمة لم يكن أقل من اهتمامهم بالفتوحات العسكرية.
فلم تشغلهم الفتوحات عن التركيز في ترجمة العلوم والمعارف إلى اللغة العربية، وذلك بغرض تقوية دعائم الدولة والوصول بها لمرحلة الازدهار والتقدم - ليس فقط عسكرياً وإنما علمياً واقتصادياً- فترجموا ونقلوا إلى اللغة العربية أمهات كتب العلوم المختلفة والتي كانت باللاتينية واليونانية.
فقد ورث الأمويين علوم العجم من الروم والفرس بعد سقوط دولتيهما، وكان لابد- للاستفادة من ذلك التراث- من القيام بترجمته ونقله إلى العربية بعد أن أصبح "تراث تقليدي متداول في أيدي الشارحين والمحترفين ممن أجادوا اللغتين السريانية أو اليونانية ".
وقد كانت بعض هذه الترجمات حافزًا على اهتمام الدولة بالعلوم التجريبية.
ومعلوم أن كل ذلك يحتاج إلى جهد كبير تعجز عنه إمكانيات الأفراد العاديين، ولذا فقد وقف الأمويون يشجعون على ذلك حتى تحققت أعمال جيدة على نحو ما نرى.
فقد كان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه  من السباقينإلى الاهتمام بالعلوم وأهلها فأنشأ بيت الحكمة (مركزاً للأبحاث) وأنشأ أيضاً مكتبة، واستمر آل مروان في اهتمامهم بهذا البيت، حتى في أسفارهم وحروبهم، يسألون عنه ويهتمون به.
يشير بعض المؤرخين إلى دور ابن أثال النصراني - طبيب معاوية رضي الله عنه- في نقل بعض معارف الطب إلى العربية، كما أشاروا إلى دور يحيى الدمشقي النصراني، وهو من علماء الدين المسيحي والقادرين على الترجمة إلى العربية، وكان صديقًا ليزيد بن معاوية.
وكان يعقوب الرهاوي من أعظم المترجمين في هذا العصر إذ قام بترجمة العديد من الكتب من اللغة اليونانية إلى لغتنا العربية.
على أن الجهود الجادة في مجال الترجمة بدأت مع خالد بن يزيد وهو ابن معاوية بن أبي سفيان وهو حكيم بني أمية، وقد تعلم على يد راهب رومي يدعى مريانوس وتعلم منه أصول الطب والكيمياء، وله رسائلٌ ثلاث في هذه الصنعة، ذكر في إحداها ما كان بينه وبين مريانوس، وكيف تعلم منه الرموز التي أشار إليها، ويعتبر خالد بن يزيد أول من اهتم بنقل الكيمياء والطب إلى اللغة العربية، فقد أمر بإحضار بعض اليونانيين الذين تعلموا في مدرسة الإسكندرية بمصر، وأتقنوا اللغة العربية، فطلب منهم أن ينقلوا الكثير من الكتب القيمة من اللغة القبطية واليونانية إلى العربية.
وفي عهده- أي خالد بن يزيد- تم ترجمة أول كتاب في علم الفلك من اليونانية إلى العربية وكان كتاباً بعنوان "أحكام النجوم" الذي ألّفه الحكيم "هرمس" وكان هذا أول نقل في الإسلام.
كما طلب منهم أن يترجموا كتب جالينوس في الطب، فوضع بذلك أساس العلوم الطبية، وهو أول من منح عطايا للمترجمين والفلاسفة وقرَّب منه أهل الحكمة ورؤساء أهل كل صناعة، وتُرجمت له كتبُ النجوم والطب والكيمياء والحروب والآلات والصناعات، وهو أول من جُمعت له الكتب وجعلها في خزانة الإسلام..
وبهذا نستطيع أن نقول: أن في دمشق إذًا أنشئت أول دار للكتب في العالم العربي.
وفي عهد مروان بن الحكم ترجم طبيب يهودي فارسي الأصل يُدعى ماسرجويه كتابًا في الطب عن السريانية، وكان قد ألفه باليونانية راهب نصراني في الإسكندرية يدعى أهرون.
أما الخليفة عبد الملك بن مروان فقد قام بأكبر وأعظم عمل في عهده حين أمر بتعريب الدواوين، ففتح للغة العربية باباً واسعًا للانتشار والثراء.
وفي عهد عمر بن عبد العزيز - رحمه الله- أمر الخليفة بنقل معاهد الطب من الإسكندرية إلى أنطاكية وحرَّان، وأشار عمر على بعض الروم المقيمين في قصره، -وكانوا على دراية بالعربية- أن يترجموا له كتباً لليونانيين، فترجموا له كتابًا طبياً نشره للأمة بعد أن ظل أربعون يومًا يستخير الله عز وجل.
أما الخليفة هشام بن عبد الملك فكان مولعاً بالإطلاع على المأثورات الأدبية الخاصة بالأمم الأخرى، لذلك أمر المتخصصين بترجمة كتاب عن تاريخ الفرس يحتوي على صور الأكاسرة الذين ورد ذكرهم فيه، وكان ذلك في سنة 113هجرية.
ويخبرنا المسعودي أنه رأى هذا الكتاب سنة 303 هجرية في إصطخر (مدينة قديمة بفارس- إيران حالياً)، وانتقل هذا الولع إلى المقربين من الخليفة، فترجم سالم مولاه بعض كتب أرسطو إلى العربية، كما ورث ابنه جبلة بن سالم الكثير من المعارف والعلوم التي كان يمتلكها، فترجم بعض آثار فارس إلى اللغة العربية.
ثم جاء ابن المقفع وهو أديب فارسي في آخر عصر الأمويين، فترجم آثاره الجليلة مثل: كليلة ودمنة وغيرها عن الأدب الفارسي.
وهكذا يتضح لنا مدى الاهتمام الكبير الذي حرص عليه الأمويون في نقل العلوم التجريبية، عن طريق الترجمة، وهذا الاهتمام - بلا شك- يعطي لنا انطباعاً عن سياسة الخلفاء الأمويين الذين لم يكن اهتمامهم مختصاً بالأمور السياسية والعكسرية فقط، بل كانوا يحرصون على إنشاء منارات علمية في كل المجالات التي عرفوها وقتئذ.

مختار العربي (46 سنة)

لدي قناعة تامة بأن الترجمة سبب رئيسي في تقدم الفرد والمجتمع والدولة في كافة مجالات الحياة، حيث أنها أهم أداة للتواصل بين الأفراد والشعوب لذلك قمت بانتقاء فريق عمل بعناية حتى نستطيع القيام بتنفيذ أعمال الترجمة بكفاءة عالية .

شارك الموضوع :

ضع تعليقك :

0 التعليقات